العفّة :
هي : الامتناع والترفّع عمّا لا يحل أو لا يجمل من شهوات البطن والجنس ، والتحرّر من استرقاقها المُذِل ، وهي من أنبل السجايا ، وأرفع الخصائص الدالّة على سمو الإيمان ، وشرف النفس ، وعزّ الكرامة ، وقد أشادت بفضلها الآثار :
قال الإمام الباقر ( عليه السلام ) : ( ما من عبادة أفضل عند الله من عفّة بطن وفرج ) .
وقال رجل للإمام الباقر ( عليه السلام ) : إني ضعيف العمل ، قليل الصلاة قليل الصيام ، ولكنّي أرجو أن لا آكل إلاّ حلالاً ، ولا أنكح إلاّ حلالاً ، فقال ( عليه السلام ) له : ( وأيّ جهاد أفضل من عفّة بطن وفرج ) .
وقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ( أكثر ما تلج به أُمّتي النار ، الأجوفان البطن والفرج ) .
حقيقة العفّة :
ليس المراد بالعفّة حرمان النفس من أشواقها ورغائبها المشروعة في المطعم والجنس ، وإنّما الغرض منها هو القصد والاعتدال في تعاطيها وممارستها ، إذ كل إفراط أو تفريط مضرّ بالإنسان ، وداع إلى شقائه وبؤسه .
الاعتدال المطلوب :
من الصعب تحديد الاعتدال في غريزتي الطعام والجنس لاختلاف حاجات الأفراد وطاقاتهم ، فالاعتدال في شخص قد يعتبر إفراطاً أو تفريطاً في آخر .
والاعتدال النِسبِي في المأكل هو : أن ينال كلّ فرد ما يقيم أوَدَهُ ويسدّ حاجته من الطعام ، متوقّياً الجشع المقيت ، والامتلاء المرهق .
وخير مقياس لذلك هو ما حدّده الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وهو يحدث ابنه الإمام الحسن ( عليه السلام ) : ( يا بني ألا أُعلّمك أربع كلمات تستغني بها عن الطب ؟ فقال : بلى يا أمير المؤمنين .
قال : لا تجلس على الطعام إلاّ وأنت جائع ، ولا تقم عن الطعام إلاّ وأنت تشتهيه ، وجوّد المضغ ، وإذا نمت فأعرض نفسك على الخلاء ، فإذا استعملت هذا استغنيت عن الطلب ) .
والاعتدال التقريبي في الجنس هو تلبية نداء الغريزة ، كلّما اقتضتها الرغبة الصادقة ، والحاجة المحفّزة عليه .
محاسن العفّة :
لا ريب أنّ العفّة هي من أنبل السجايا ، وأرفع الفضائل المعربة عن سموّ الإيمان ، وشرف النفس ، والباعثة على سعادة المجتمع والفرد .
وهي الخلّة المشرفة التي تزيّن الإنسان ، وتسمو به عن مزريات الشره والجشع ، وتصونه عن التملّق للئام ، استدراراً لعطفهم ونوالهم ، وتحفّزه على كسب وسائل العيش ورغائب الحياة ، بطرقها المشروعة ، وأساليبها العفيفة