- شراء إحدى الراحلتين :
--------------------------------------
جاء أبو بكر رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم براحلتين للهجرة ليختار أفضلهما وقال اركب فداك أبى وأمي ، فقال له رسول الله " لا أركب بعيرا ليس لى "، قال أبو بكر فهي لك يا رسول الله . قال " لا إلا أن أبتاعها منك "(6) ، وأمام إصراره رضخ أبو بكر وأخذ الثمن .. فماذا عليك يا رسول الله لو ركبت وأبو بكر يهب لك الراحلة ؟ ماذا عليك لو ركبت حتى وصلتما إلى المدينة المنورة ثم تكلتما فى الثمن ؟ ماذا لو كتب التاريخ هذا أو ذاك ؟. لاشيء
4- فاطمة والخادم :
------------------------
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما زوجه فاطمة بعث معها خميلة ووسادة حشوها ليف ورحاءين وسقاء وجرتين . فقال علي قد جاء الله آباك بسبي فاذهبي فاستخدميه فآتت آباها فاستحيت أن تسأله ورجعت . ثم عادت إليه ثانية ومعها علي ، فقال على " والله لقد سنوت (7) حتى قد اشتكيت صدري ، وقالت فاطمة لقد طحنت حتى مجلت يداي (
وقد جاء الله بسبي وسعه فاختدمنا (9) فأبى عليه الصلاة والسلام دون أن يبدي سببا وفي رواية أنه قال " لا أعطيكما وادع أهل الصفة تطوى بطونهم " فرجعا ، فأتاهما النبي وقد دخل في قطيفة لهما إذا غطت وجهيهما كشف قدميهما وإذا غطيا قدميهما تكشفت رأسهما فثارا – أي قاما حياءا – فقال لهما " مكانكما وأبدلهما ذكرا دبر كل صلاة خير مما سألاه (10) ، إلا أن ذلك لا يمنع من السؤال ماذا لو منحهما الخادم ؟ وماذا لو كان الذي علمناه من سيرته أنه أعطاهما خادما ؟ أينقص ذلك من قدره أو قدرهما أو يعيبهما ؟ كلا .
5 - مفاتيح الكعبة :
---------------------------
عندما فتح الله سبحانه وتعالى على نبيه مكة المكرمة طلب رسول الله مفاتيح الكعبة وكانت وقتئذ مع بنوعبد الدار آل طلحة , وكان معظمهم لم يزل على الشرك ولم يدخل الإسلام منهم إلا قليل , ومن بين هؤلاء الذين دخلوا الإسلام حديثا قبيل فتح مكة عثمان بن ابى طلحة رضى الله عنه فطلب منه رسول الله المفاتيح . فذهب من فوره يحضرها فوجدها مع أمه " سلافة بنت سعيد " ,فأبت أن تعطيه إياها فجاهد معها وهى على إبائها. - لما فى ذلك من شرف معروف لدى العرب- حتى وضعت المفاتيح فى حجزها فلم يجد طلحة إلا أن يستل السيف عليها مهددا بالقتل فأعطتها له مرغمة , وكان القلق في هذا الوقت قد بدا على رسول الله حتى تحدر العرق منه مثل الجمان وهو يقول ما يحبسه . إلى أن جاء وأعطاه المفاتيح ، فلما انتهى صلى الله عليه وسلم من مهمته داخل الكعبة خرج وبيده المفاتيح . فتطلع إليها الصحابة ومد معظمهم عنقه لينال أحدهم هذا الشرف العربي التليد . وقال على رضي الله عنه لرسول الله اجمع لنا الحجابة مع السقاية ، ولكن رسول الله سأل عن عثمان فجاءه ومثل بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم. فذكره رسول الله بموقف كان بينهما فى بداية البعثة ، وهو أن عثمان هذا كان قد فتح الكعبة وقت أن كانت المفاتيح معه فأراد رسول الله أن يدخلها فأبى طلحة وأغلظ له فقال له صلى الله عليه وسلم " لعلها تكون بيدي يوما ما يا عثمان " فقال له عثمان " إذا هلكت قريش يومئذ وذلت ، فقال له رسول الله " بل عمرت وعزت يومئذ "
فتذكر عثمان هذا الموقف فتملكه الخجل وقال لرسول الله أو مازلت تذكر ذلك يا رسول الله فقال صلى الله عليه وسلم بصوت مسموع "يوم بر ووفاء خذوها آل طلحة خالدة تالدة لا ينزعنها منكم إلا ظالم (11)
والسؤال الآن ماذا لو انه صلى الله عليه وسلم أخذ المفاتيح لنفسه بصفته الرسول والقائد والأمام ؟ وماذا لو أعطاها أحد من صحابته وهم الذين سألوه إياها حتى انه أراد أن يهون عليهم فقال لهم أعطيكم من المناصب ما يكلفكم مالا ولا أعطيكم ما تأخذون عليه مالا (12) ، ماذا لو كان الذى سجله التاريخ أنه استرد المفاتيح لتعود إلى المسلمين باعتبار الكعبة قبلتهم و البيت الذي يحجون إليه ، وليس من الطبيعى أن تكون مع المشركين خاصة أل طلحة المعروف دورهم البارز فى العداء للمسلمين وعلى وجه الخصوص إبان غزوة أحد . لن يتوقف أحد ولن يعد ذلك مأخذا على رسول الله بل من مآثره .
6- اذهبوا فأنتم الطلقاء :
-------------------------------
ثم ما هذه المقولة التى حفظتها الإنسانية وعفى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مشركي مكة وكفارها وتاريخهم الأسود الملطخ بالإيذاء والشر والحصار والطرد والحروب والمؤامرات وهي"اذهبوا فأنتم الطلقاء"(13) أي فاتح عرفته البشرية لم ينتقم ممن طردوه وأتباعه أن لم يكن بالسجن والقتل والتعذيب فهي صفات لا يتصف بها الأنبياء فعلى أقل تقدير بعقد المحاكمات أو المحاسبة والمسائلة او التعزير .فشيئا من هذا لم يحدث وأجزم لو أن قلوب البشر كلها اجتمعت حينئذ على موقف تتحد فيه آرائهم وتتفق راضية إزاء هؤلاء المشركين لكان الخيار الأمثل هو تخييرهم بين الدخول فى الإسلام أو العفو ، وكان من الممكن أن يلتهبها رسول الله فرصة ويخيرهم هذا الخيار العادل ، خاصة وأن اغلب هؤلاء الذين فتحت عليهم مكة هم صناديد قريش وأكابرها ممن قضى رسول الله ثلاثة عشر سنة يجاهد داعيا إياهم الدخول فى الإسلام . وعاتبه ربه أكثر من عتاب لتكليفه نفسه فوق ما يحتمل لترغيبهم ورغبته فى إسلامهم , ألا انه لم يفعل شيئا من ذلك بل التمس لهم فرص العفو لا عند دخول مكة فحسب ولكن قبل وبعد ذلك ، " أخرج الطبرانى عن عروة رضى الله عنه قال العباس يا رسول الله إني أحب أن تأذن لى أن آتى قومي فأنذرهم ما نزل وأدعوهم الى الله ورسوله فأذن له ، فقال العباس علمني كيف أقول لهم . بين لى من ذلك أمانا يطمئنون إليه ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "قل لهم من شهد أن لااله إلا الله وأن محمدا رسول الله فهو آمن ومن جلس عند الكعبة ووضع سلاحه فهو آمن ومن أغلق عليه بابه فهو آمن،فقال العباس إن آبا سفيان ابن عمنا وأحب أن يرجع معي فلو اختصصته بمعروف فقال صلى الله عليه وسلم "ومن دخل دار أبو سفيان فهو آمن "(14) إلى أن دخل رسول الله مكة فى أبهى مظاهر النصر والعزة والكرامة مؤيدا بنصر الله والفتح المبين تحت رايات عشرة آلاف من خيرة أجناد الارض على مر العصور
فكان أول ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تطلعت إليه القلوب والأبصار بعضها فى وجل وخوف ورعب وبعضها فى أمان وسلام وكرامة أن امسك بعضدي باب الكعبة فقال فيما قال" ما تظنون آني فاعل بكم ". فكأنهم وجدوا طوق الأمان ينتشلهم من الرعب والفزع فقالوا خيرا.. أخ كريم وأبن أخ كريم وقد قدرت فقال " اذهبوا فأنتم الطلقاء " قال البيهقى" فكأنما نشروا من القبور فدخلوا فى دين الله أفواجا " (15) ، فلماذا إذن لم يحاسبهم رسول الله وقد تصور الجميع ذلك مسلمين وكفار . حتى قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه " قد أمكن الله منهم لأعرفنهم بما صنعوا . "(16)، أي أن عمر بن الخطاب كالبشر مهما علت رتبته فى الإيمان ودرجته فى الإسلام ومهما صفت سريرته قد تأججت فى قلبه الرغبة الفطرية فى الانتقام فلما سمع مقالة الرسول قال " افتضحت حياء من رسول الله أن يكون سمع ما بدر منى (17)وهؤلاء هم بعض أئمة قريش يفرون خارج مكة بأرواحهم خشية انتقام رسول الله . . نذكر منهم . صفوان بن أمية . حويطب بن عبد العزى . النضر بن الحارث . عكرمة بن أبي جهل .
ولنضرب مثلا بالأول ،
------------------------------